
مشغل الصوت
مصر تؤكد تمسكها بمواقفها الثابتة وتواصل جهودها لحماية الأمن القومي ودعم القضية الفلسطينية
في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات جسيمة، تواصل مصر التزامها الراسخ بدورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، بالتوازي مع سعيها الحثيث لحماية أمنها القومي، والحفاظ على استقرار المنطقة، رغم ما طرأ مؤخراً من توتر على العلاقات مع إسرائيل.
وأكد مصدر مصري مسؤول لصحيفة «الشرق الأوسط» أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب تشهد حالياً مرحلة من الفتور الرسمي، في ظل الممارسات الإسرائيلية غير المقبولة في قطاع غزة، ومحاولات فرض واقع مرفوض على الحدود الشرقية لمصر. إلا أن مصر، وعلى الرغم من هذا التوتر، تواصل اتصالاتها في نطاق الملفات الأمنية الحساسة وقضية الحرب في غزة، حفاظاً على الحد الأدنى من الاستقرار الإقليمي، وسعياً جاداً نحو التهدئة.
وأوضح المصدر أن القنوات السياسية والدبلوماسية على مستوى الرئاسة والحكومة ووزارة الخارجية غير نشطة حالياً، ويقتصر التنسيق على اللجنة العسكرية المشتركة وفقاً لاتفاقية السلام، بالإضافة إلى جهود الوساطة المصرية المستمرة لوقف إطلاق النار في غزة.
وأشار إلى أن القاهرة غاضبة من الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، ورفضت بشكل قاطع محاولات تهجير سكان القطاع ودفعهم نحو الحدود المصرية، إضافة إلى محاولات تحميل مصر مسؤولية منع دخول المساعدات، وهو ما فندته مصر رسمياً مراراً، معتبرةً ذلك تشويهاً متعمداً لدورها الريادي في القضية الفلسطينية.
وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت وزارة الخارجية المصرية مؤخراً بيانات حاسمة ترد فيها على الادعاءات الإسرائيلية، مؤكدة أن مصر تعمل بكل طاقتها من أجل إيصال المساعدات لغزة، وتبذل جهوداً دبلوماسية وأمنية متواصلة رغم العوائق التي تفرضها سلطات الاحتلال.
من جهته، صرح وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن مصر تتبنى حالياً سياسة “السلام البارد” مع إسرائيل، في ظل الانتهاكات المتكررة التي جعلت من إسرائيل عبئاً إقليمياً ودولياً. وأوضح أن قطع العلاقات بالكامل ليس مطروحاً في الوقت الراهن، لكنه أكد أن القاهرة تخوض معركة دبلوماسية وأمنية بكل وعي واتزان لحماية مصالحها الوطنية.
وفي سياق متصل، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تحذيرات مصرية صريحة لتل أبيب بضرورة التراجع عن خططها العسكرية في مدينة رفح، مشيرةً إلى رفض القاهرة الشديد لأي ترتيبات من شأنها تهديد أمنها القومي، لا سيما المخطط المتعلق بـ”مدينة الخيام” التي تنذر بكارثة إنسانية على الحدود.
وتُظهر مصر على الأرض مواقف حاسمة، منها تعزيز وجودها العسكري في سيناء كرسالة واضحة بأن أي تهديد لحدودها أو انتهاك لسيادتها لن يُقابل بالصمت.
ويرى عدد من الخبراء والدبلوماسيين المصريين، ومنهم السفير رخا أحمد حسن، أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تراجعت إلى مستويات منخفضة للغاية، حيث لا توجد حالياً اتصالات سياسية رفيعة، مع غياب السفراء في كلا البلدين. وأكد أن التواصل يقتصر على التنسيق الأمني ورسائل الوفود المعنية بجهود وقف إطلاق النار.
في السياق ذاته، قال الدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار «مركز الأهرام للدراسات»، إن العلاقات بين مصر وإسرائيل تشهد حالة من الجمود غير المسبوق، لكنها لم تصل إلى القطيعة الكاملة، محذراً من أن أي احتكاك عسكري مباشر قد يدفع الأمور إلى مرحلة جديدة.
مصر تمضي بثبات في دورها المحوري
وبالرغم من التعقيدات، تواصل مصر دورها القيادي في دعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن مصالحها الاستراتيجية بكل حنكة، رافضةً الضغوط، ومؤكدةً أن القانون الدولي والعدل الإنساني يظلان الركيزة الأساسية لمواقفها، مهما بلغت التحديات.