
مشغل الصوت
كشف بحث جديد أجراه باحثون من مركز القهوة في جامعة «كاليفورنيا ديفيس» الأميركية، عن أنه بالرغم من الاختلاف الكبير في أنماط التحميص وتقنياته وأصوله، فإن جميع أنواع قهوة أرابيكا – أحد أفضل أنواع القهوة في العالم – تتبع منحنى اللون العالمي نفسه أثناء تحولها من حبة خضراء إلى تحميص داكن.
وأظهرت نتائج دراستهم التي نُشرت في دورية «ساينتفيك روبرتس» أن جميع أنواع قهوة أرابيكا تتبع نمط تطور اللون نفسه أثناء التحميص، مما قد يُحدث نقلة نوعية في معايير مراقبة الجودة والصناعة.
ويعتمد المحمصون المهرة على الإشارات البصرية والسمعية والشمية لتحديد التحميص المثالي. ومع ذلك، تُرسي الدراسة الجديدة علاقة رياضية قد تُسهم في وضع معايير موضوعية وكمية لصناعة اعتمدت على التقييمات الذاتية لعقود.
وقال إروين ر. دونيس غونزاليس، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة البيولوجية والزراعية في جامعة «كاليفورنيا ديفيس»، والمؤلف المراسل للدراسة: «منذ أن بدأتُ العمل في مجال ما بعد الحصاد، انبهرتُ بأهمية اللون. فاللون لا يقتصر على المظهر فحسب؛ بل هو مؤشر رئيس لجودة كثير من المنتجات، بما في ذلك القهوة».
وأفاد في بيان نشر، الثلاثاء، بأن الباحثين تناولوا حلقةً مفقودةً في فهمنا العلمي للقهوة، وهو ما ساعد على كشف غموض عملية التحميص.
وعلى الرغم من أن اللون يُعد منذ زمنٍ طويلٍ عاملاً أساسياً في تقييم مستوى وجودة التحميص، فإنه لم يُفهم بشكل كافٍ، كيفية تأثير متغيرات التحميص، مثل درجة الحرارة والوقت، في المحامص التجارية على تطور اللون.
واعتمدت معظم الدراسات السابقة على أفران مختبرية أساسية مُضبطة على درجات حرارة ثابتة، التي لا تعكس الظروف المعقدة والمتغيرة في التحميص التجاري. أما فريق جامعة «كاليفورنيا ديفيس»، فقد اتخذ نهجاً مختلفاً تماماً.
وكما أوضح دونيس غونزاليس، أنه باستخدام محمصة أسطوانية تجارية، غيّرنا بشكل منهجي معدلات ارتفاع درجة الحرارة – المعروفة أيضاً باسم معدلات الارتفاع – لمراقبة آثارها على تطور لون القهوة طوال عملية التحميص.
اختبر الباحثون سبعة أنماط تحميص مختلفة تماماً، كل منها يستمر 16 دقيقة بالضبط، ولكن بديناميكيات طاقة مختلفة تماماً، بدءاً من أنماط «البدء السريع» مع حرارة ابتدائية عالية، وصولاً إلى أنماط «البدء البطيء» مع ارتفاع تدريجي في درجة الحرارة.
كما أنهم أخذوا عينات من قهوة التحميص كل دقيقة، مما أدى إلى صورة عالية الدقة غير مسبوقة لكيفية تطور اللون طوال العملية.
قياسات الألوان
جاء الاكتشاف الأكثر لفتاً للانتباه عندما رسم الفريق قياسات الألوان في نظام فضاء الألوان، وهو نظام ألوان علمي مُصمم ليُطابق الإدراك البصري البشري. وهو يعتمد على إحداثيات درجة السطوع، وطيف الألوان الممتد من الأخضر إلى الأحمر، بينما يمتد الإحداثي الثالث من الأزرق إلى الأصفر.
قال دونيس غونزاليس: «يُعد فضاء الألوان استراتيجية مُلائمة بشكل خاص لقياس تطور لون التحميص، إذ يُمكنها اكتشاف الاختلافات الدقيقة التي قد لا تُلاحظها العين البشرية، مما يضمن تقييماً موثوقاً به في ظروف الإضاءة المختلفة، ويُقلل من التحيز البشري الشخصي».
وبغض النظر عمّا إذا كان العاملون قد استخدموا أنماط تحميص سريعة أو بطيئة أو متوسطة، وسواء كانت القهوة من أوغندا أو إندونيسيا أو السلفادور، فقد اتبعت كل عينة المسار الأساسي نفسه في نظام فضاء الألوان.
وعليه تمكّن الباحثون من وصف «منحنى لون القهوة المحمصة العالمي» هذا باستخدام معادلات رياضية دقيقة. استطاعت معادلاتهم متعددة الحدود التنبؤ بإحداثيات لونية مختلفة بدقة تزيد على 93 في المائة.
ووفق الدراسة، وصلت جميع أنواع القهوة إلى قيم لونية متطابقة تقريباً في مراحل التحميص الرئيسة، مثل تغير اللون، والتشقق الأول، والتشقق الثاني، وهي المراحل الرئيسة التي يستخدمها المحمصون لتقييم تطور التحميص.
كما أوضح دونيس غونزاليس: «يمكن لمنحنى لون القهوة العالمي هذا أن يُسهم في توحيد تعريفات مستوى التحميص على مستوى الصناعة، من خلال توفير طريقة موضوعية وقابلة للقياس لتقييم مستويات التحميص من خلال تحليل الألوان».
- القاهرة : «الشرق الأوسط»