سوشيال ميديا

هل ألزهايمر مرض مناعي ذاتي؟ نظرية كندية تُعيد رسم خريطة الفهم

في ظل تصاعد الجدل العالمي حول ماهية مرض ألزهايمر وطرق علاجه، برزت مؤخراً نظرية علمية جديدة تقلب المفاهيم الراسخة حول هذا الاضطراب العصبي المعقد، وتضعه في سياق مختلف تماماً، لا بوصفه مرضاً دماغياً صرفاً، بل خللاً في جهاز المناعة داخل الدماغ. وفقاً لموقع «ساينس أليرت».

هذه النظرية، التي تبلورت داخل مختبر معهد كرمبيل لأبحاث الدماغ في شبكة الصحة الجامعية بمدينة تورونتو الكندية، تستند إلى أكثر من ثلاثة عقود من البحث، وتقدّم تصوراً جديداً قد يفتح آفاقاً واعدة لفهم المرض وابتكار طرق علاجية أكثر فاعلية.

شكوك علمية وتفسيرات بديلة

ووفقاً للتقرير، إن الاهتمام المتزايد بإعادة النظر في أسباب ألزهايمر ليس وليد اللحظة. ففي يوليو (تموز) 2022، نشرت مجلة «Science» تحقيقاً أثار زلزالاً علمياً، كاشفاً عن احتمال تزوير بيانات ورقة بحثية مؤثرة نُشرت عام 2006 في مجلة «Nature»، كانت قد حددت بروتين «بيتا-أميلويد» عاملاً أساسياً مسبباً للمرض.

وبعد عام واحد فقط، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على استخدام دواء «أدوكانوماب» (Aducanumab)، وهو جسم مضاد يستهدف هذا البروتين. إلا أن هذه الموافقة واجهت اعتراضات حادة من المجتمع الطبي، بسبب ضعف وتضارب الأدلة السريرية الداعمة للدواء.

خارج «النموذج البروتيني»

يرى الفريق الكندي أن التركيز الحصري على بروتين «بيتا-أميلويد» بوصفه السبب المركزي لألزهايمر، حجب النظر عن احتمالات أخرى واعدة. ويذهب الباحثون إلى القول إن هذا النهج السائد تَسبّب فيما يشبه الجمود الفكري داخل الأوساط العلمية.

وبناءً على تحليل موسّع لأنماط الاستجابة المناعية في الدماغ، يرى الباحثون أن بروتين «بيتا-أميلويد» ليس جزيئاً ضاراً بطبيعته، بل مكوّناً أساسياً في منظومة المناعة الدماغية، يساهم في الدفاع ضد العدوى أو الإصابات.

«النيران الصديقة» داخل الدماغ

تفسّر النظرية الكندية ألزهايمر بوصفه مرضاً مناعياً ذاتياً، حيث تهاجم مكونات جهاز المناعة في الدماغ خلايا عصبية سليمة، نتيجة لخلطها بينها وبين جزيئات شبيهة بها على سطح البكتيريا. وهذا الخطأ في التمييز، أو ما يُعرف بـ«النيران الصديقة»، يؤدي إلى تدهور تدريجي في وظائف الدماغ، وينتهي إلى الإصابة بالخرف.

ويُقارن العلماء هذا الخلل بأمراض مناعية ذاتية معروفة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، لكنهم يلفتون إلى أن العلاجات التقليدية لهذه الأمراض، كالستيرويدات، لا تحقق فعالية في حالة ألزهايمر، نظراً للطبيعة الفريدة والمعقدة للدماغ.

تعددية في النظريات

إلى جانب نظرية المناعة الذاتية، تتصاعد فرضيات علمية أخرى تربط ألزهايمر بخلل في الميتوكوندريا، مصانع الطاقة داخل الخلايا، أو بعدوى بكتيرية مزمنة في الدماغ، أو حتى باختلال في توازن معادن مثل الزنك والنحاس والحديد.

ويُجمع الخبراء على أن هذا التعدد في التفسيرات لا يُضعف البحث العلمي بل يعزّزه، ويمنح الأمل في التوصّل إلى فهم أوسع لأحد أكثر الأمراض إيلاماً في العصر الحديث.

عبء متزايد وحاجة ملحّة

تشير الإحصاءات الدولية إلى أن أكثر من 50 مليون شخص حول العالم يعيشون حالياً مع الخرف، وتُسجَّل إصابة جديدة كل ثلاث ثوانٍ. ومع تقدم المرض، قد يفقد المريض القدرة على التعرف على أحبّائه، بل وحتى على شريك حياته.

ويحذّر المختصون من أن ألزهايمر لم يعد مجرّد تحدٍّ طبي، بل أصبح أزمة صحية عامة ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة. وهو ما يستدعي، وفقاً للفريق الكندي، إعادة النظر في أسس فهم المرض، والبحث في مسارات مناعية بديلة لعلاج فعّال يُعيد الأمل للملايين من المرضى وعائلاتهم.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »