توك شو

شي جينبينغ بين الأب والحزب: سيرة تكشف عن طفولة زعيم الصين تحت قبضة الثورة

كشفت سيرة جديدة تتناول حياة شي جونغشون، والد الرئيس الصيني الحالي شي جينبينغ، عن جانب معتم من طفولة الزعيم الصيني، التي اتسمت بالصرامة والانضباط في ظل بيئة منزلية مثقلة بتوقعات ثورية لا هوادة فيها.

السيرة التي حملت عنوان «مصالح الحزب أولاً» وكتبها البروفسور الأميركي جوزيف توريجيان، تسلط الضوء على المسيرة الطويلة لشي الأب، أحد أعمدة الحزب الشيوعي منذ تأسيس الجمهورية وحتى ما بعد أحداث تيانانمن. لكن اللافت أن الكتاب، وهو الأول من نوعه باللغة الإنجليزية، يميط اللثام عن ملامح الشخصية التي تكوّنت في الظل: الرئيس الحالي شي جينبينغ. وفقاً لمجلة «نيوزويك».

منزل تحت سطوة الثورة

في سرديته المفصلة، يرسم توريجيان ملامح منزل لم يكن مأوى من السياسة، بل حلبة تُمارس فيها الشعارات الثورية بكل صرامتها. فالحياة الأسرية لعائلة شي كانت انعكاساً صارخاً لمفهوم «الخلية الشيوعية». كما نظّر له المفكر السوفياتي أرون سولتس، الذي رأى أن البيت الشيوعي يجب أن يكون نموذجاً صغيراً للوحدة الثورية، يتحرك بتناغم كامل مع أجندة الحزب.

كان التعليم والتغذية واللباس وحتى أنماط الحديث داخل بيت شي جونغشون خاضعة لمعايير لا تترك هامشاً للفردانية. وتحت شعار التقشف والانضباط، تربّى شي جينبينغ وسط نمط من الحياة يشبه المعسكرات الفكرية.

تعليم منضبط… بلا دلال

قبل استقراره في بكين عام 1953، كان شي جونغشون قد أنجب خمسة أبناء من زيجات متعددة، فيما وُلد جينبينغ وأخوه يوانبينغ لاحقاً في العاصمة. وقد التحق الأطفال بمدارس النخبة، المخصصة لأبناء القيادات العسكرية، التي كانت تعرف بانضباطها العسكري ورفضها لأي مظهر من مظاهر الترف.

وكان الطلاب يتشبعون منذ الصغر بالأدبيات الثورية. وذكر جينبينغ لاحقاً أن كتاب «كن وريثاً للثورة» كان له بالغ الأثر في تشكيل توجهاته وخياراته الحياتية. وتُجمع شهادات زملائه على أن المدرسة زوّدتهم بقوة نفسية ساعدتهم على النجاة من عواصف الثورة الثقافية.

رفاهية شكلية خلف جدار التقشف

ورغم ما توحي به الخلفية العائلية من امتيازات، فإن الرئيس الصيني يصرّ في أكثر من مقابلة على أنه لم يعش حياة مرفهة. ففي حوار صحافي نادر عام 2003، قال: «لم تكن لدينا مشكلات في الطعام أو الملبس، لكننا التزمنا بأسلوب صارم من التقشف، فرضه والدي دون هوادة». وذكر مثالاً، ارتداءه لملابس شقيقاته القديمة، رغم أن بعض الحضور الرسمي والمناسبات الخاصة كانت يُقام داخل أروقة السلطة.

أبٌ صارم لا يلين

السيرة تُبرز بجلاء طبيعة العلاقة المعقدة بين شي ووالده، الذي لم يكن فقط قائداً حزبياً، بل كان حاكماً متسلطاً داخل جدران المنزل. تقول ابنته تشيانبينغ: «لم نكن نحب تناول الطعام على مائدة واحدة مع والدنا… كان يحاسبنا على كل شيء، من الإسراف في الطعام إلى عدد حبات الأرز المسقطة على الأرض».

وفي شهادة لافتة، قال شي نفسه في مقابلة نادرة عام 2001: «تناول الطعام معي كان معاناة… فأنا ابن فلاح، ولا أتحمل رؤية أي بقايا في الأطباق».

ولا تقتصر الصرامة على السلوك اليومي، بل امتدت للعقوبات الجسدية. فقد أوردت مذكرات السياسي المخضرم لي روي أن جونغشون كان يعاقب أبناءه بقسوة، وفق نمط إتيكيت إقطاعي قديم يصل إلى حد الضرب. وفي حادثة روَاها شهود، صفع جونغشون أبناءه وأبناء قادة آخرين واحداً تلو الآخر خلال نوبة غضب.

ومضات إنسانية… نادرة

رغم هذه الصورة القاسية، لم تغب عن السيرة لحظات إنسانية كشفت عن جانب مختلف من شخصية جونغشون. في إحدى الحوادث المؤثرة، حمل طفله جينبينغ على كتفيه، وبينما تبول عليه الطفل، لم يغضب الأب ولم ينهره، بل انتظر بصبر حتى انتهى. كان يؤمن، بحسب ابنته تشياوشياو، أن إخافة الطفل في لحظة كهذه قد تخلّف آثاراً نفسية طويلة الأمد.

تقول تشياوشياو، في تلخيص لما يبدو أنه كان توازناً هشاً بين السياسة والأبوة: «كانت تلك اللحظات القليلة من الحنان هي أجمل ما في طفولتنا، لكنها كانت نادرة جداً».

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »