سوشيال ميديا

احتجاجات لوس أنجليس تُجدّد جدل «صدقية» الذكاء الاصطناعي

جدّدت الاحتجاجات الأخيرة في مدينة لوس أنجليس الأميركية الجدل حيال مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الترويج لـ«معلومات مضللة»، وذلك تزامناً مع انتشار معلومات زائفة عن هذه الاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي.

خبراء عدّوا أننا الآن نعيش وسط بيئة خصبة لانتشار «المعلومات المضللة» والأخبار الزائفة، ولفتوا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرمجياته ساهما في زيادة انتشارها، وفي جعل عملية التحقق من صحتها أكثر صعوبة، لا سيما مع التطور التقني المتسارع.

وفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في الأسبوع الماضي، فإن صوراً ومقاطع فيديو ومواد غير دقيقة بشأن احتجاجات لوس أنجليس انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، معززة «نظرية المؤامرة».

ولفت تقرير آخر على موقع «وايرد» الأميركي إلى أن انتشار التضليل بشأن الاحتجاجات «يتزايد مع لجوء المستخدمين لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي للتحقق من تلك المعلومات». وأردف أن «منصّات مثل (إكس) أغرقت بصور ومُعطيات قليلة الدقة وقديمة عن الاحتجاجات».

وضرب «وايرد» مثلاً بصورة نشرتها صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» لعسكريين من الحرس الوطني نائمين على الأرض، أعاد حاكم ولاية كاليفورنيا مشاركتها. ولكن سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مع ترجيح مستخدمين كونها «مولدة بالذكاء الاصطناعي». ولدى سؤال تطبيق الذكاء الاصطناعي «غروك» عن الصورة، «رجح أنها من حرب أفغانستان عام 2021». وذكر تطبيق «تشات جي بي تي» أن الصورة التي أعاد حاكم كاليفورنيا نشرها التُقطت في مطار كابل عام 2021، على الرغم من تأكيدات صحافيين أن الصورة حديثة، ومن لوس أنجليس تحديداً.

يوشنا إكو، الباحث الإعلامي الأميركي، ورئيس ومؤسس «مركز الإعلام ومبادرات السلام» في نيويورك، قال لـ«الشرق الأوسط» معلّقاً «في خضمّ الصراعات، عادة ما يواجه الصحافيون تحديات لا تُحصى، تؤدي في الغالب إلى قلة الدقة في نقل الأخبار، لا سيما أن محاولة الإلمام بجميع جوانب قصة سريعة التطور وسط منافسة حادة في عالم الأخبار تعد أحد التحديات الرئيسية أمام الصحافي».

وأضاف إكو: «في الولايات المتحدة، تتفاقم هذه العوائق التقليدية بسبب الانقسام الحاد في وسائل الإعلام بين اليمين واليسار… فجمهور قناة (فوكس نيوز) (اليمينية) يرى المتظاهرين في لوس أنجليس مجموعة من الغوغاء الذين لا يستحقون الحماية الدستورية، في حين تصوّرهم قناة (إم إس إن بي سي) (الوسطية) متظاهرين سلميين يستسلمون طواعية للسلطات». وتابع إكو: «الذكاء الاصطناعي أصبح أداةً للتضليل الإعلامي، ومع أن دوره في الاحتجاجات الأخيرة لم يوثّق بشكل علمي… هناك احتمال لاستخدامه في التضليل المعلوماتي».

ويرى إكو أن «انعدام موثوقية تطبيقات الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة يُفاقم مشهد التضليل المتفاقم أصلاً على منصات التواصل الاجتماعي، والذي غدا شائعاً إبّان الأحداث الكبرى».

من جهة ثانية، قال محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن «فترات الاحتجاجات أبرز مثال على البيئات سريعة التغير، التي عادة ما تكون أرضاً خصبة لنشر الشائعات والتضليل… وفي ظل حالة الاستقطاب والاختلافات داخل المجتمع الأميركي، ومع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح المحتوى المخلّق أكثر واقعية، وتيسّر استخدامه في إنشاء أضاليل أو تشويه حقائق بشكل مقنع جداً، وهو ما يزيد من صعوبة اكتشاف التضليل».

وأوضح فتحي: «مع التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي، صارت عملية تزييف الحقائق ونشر الأضاليل أكثر تعقيداً وتطوّراً، إذ تسهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في منصات التواصل الاجتماعي في الانتشار السريع للمعلومات المضللة، بقدر ما يمكن أن تسهم البرمجيات نفسها في كشف التزييف أيضاً».

وتابع أن «مواجهة التضليل المعلوماتي الممنهج والأكثر تعقيداً تتطلب نهجاً شاملاً من جهود فردية ومجتمعية وتقنية، يتمثل في عمليات تفاعل سريعة وآنية مع الأحداث للتحقق من الحقائق، وذلك عبر إنشاء فرق متخصصة للتدقيق، وأيضاً عبر التعاون بين جهات مستقلة ومنصات إخبارية ومنظمات غير ربحية لكشف التزييف والتحقق من الوقائع ونشر الحقائق أمام الجمهور أولاً بأول».

  • القاهرة

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »