تكنولوجيا

ما حقيقة تأثر الأقمار الاصطناعية والاتصالات بـ«الانفجارات الشمسية»؟

في الوقت الذي انطلقت فيه تحذيرات من انفجارات شمسية قوية تضرب الأرض يومي الجمعة والسبت، وتؤثر على الأقمار الاصطناعية والاتصالات، قلّل متخصصان -تحدثا لـ«الشرق الأوسط»- من «تأثيرات تلك الانفجارات»، وأكدا أنها «تحدث يومياً، ولا أضرار كبيرة منها».

وكان أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، قد حذّر عبر منشور على «فيسبوك» مما وصفه بكثرة الانفجارات الشمسية في دورة الشمس الحالية، مؤكداً أن «أقوى انفجارات شمسية تصل حرارتها إلى الأرض الجمعة والسبت».

توهج شديد

وأوضح شراقي في منشوره أن «يوم الثلاثاء الماضي 13 مايو (أيار) 2025، في تمام الساعة 8 مساءً بتوقيت القاهرة، تم رصد انفجار شمسي بقوة (X) على سطح الشمس، ثم 4 انفجارات أخرى منها انفجار (X) و3 (M)، وتتسبب الانفجارات في انبعاث كتل شمسية مقذوفة (CME) تصل إلى الأرض بسرعة متوسطها 1000 كم/ث، أي تصل إلى سطح الأرض بعد عدة أيام، في رحلة طولها 150 مليون كم هي المسافة بين الشمس والأرض، ومن ثم وصولها الجمعة، والانبعاثات القوية تصل السبت (45 درجة مئوية) وقد تمتد إلى الأحد بدرجة أقل نسبياً، ويتوقف استمرارها على الانفجارات الشمسية».

شراقي أوضح أن أهم تأثيرات التوهج الشمسي الشديد هو التشويش على الأجهزة الإلكترونية، واحتمالية سقوط بعض الأقمار الاصطناعية، وتعطل الاتصالات اللاسلكية على الأرض، وأجهزة الملاحة في الطائرات والسفن، وأجهزة محطات توليد الكهرباء، وأجهزة الكمبيوتر و«servers»، وبالتالي الإنترنت، وبعض الأجهزة الطبية، وبالنسبة للإنسان فقد تحدث بعض الآثار الجانبية السلبية الأخرى المتعلقة بالمزاج والقلق والنشاط الهرموني وغيره.

تجدر الإشارة إلى أنه وفق المستقر عليه علمياً فإن دورة الشمس الواحدة تستغرق 11 عاماً، وتكون ذروة النشاط الشمسي في منتصف الدورة؛ حيث تحدث الانفجارات الشمسية بشكل أقوى وأكثر، وحالياً الشمس تمر بدورتها رقم 25 التي بدأت 2019، والفترة الحالية تعد منتصف تلك الدورة.

وحسب شراقي، يتم قياس الانبعاثات الصادرة عن الانفجارات أو التوهج الشمسي بـ5 درجات هي «A.B.C.M.X»، بمقياس «لوغاريتمي» مثل الزلازل، بحيث «B» أقوى من «A» 10 مرات، و«C» أقوى من «A» 100 مرة، و«X» تعادل مليار قنبلة هيدروجينية.

لكن رئيس قسم البيئة الفضائية والاستشعار عن بُعد بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، أيمن محروس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الانفجارات الشمسية أمر طبيعي ومستمر وتكون أقوى في منتصف الدورة الشمسية، وكان يتم رصدها سابقاً عبر معادلات حسابية بنسبة خطأ ورادة، ولكن مع التقدم العلمي أصبح رصدها يتم عبر نماذج ذكاء اصطناعي مدربة على البيانات السابقة، وكل الدول تحاول جمع دلائل تتوقع بها فترة الذروة للنشاط الشمسي، ولكن مع ذلك تظل تلك الدلائل غير دقيقة بنسبة 100 في المائة».

وأوضح أنه «وفق الحسابات والبيانات المرصودة علمياً فالفترة الحالية هي بالفعل فترة منتصف الدورة 25 للشمس، وبناءً على ذلك يتوقع الخبراء أن تكون الانفجارات الشمسية كبيرة وقوية، ولكن مع ذلك فإن تأثيراتها تكون كبيرة على الدول الموجودة قرب الأقطاب الأرضية مثل روسيا، في حين يقل تأثيرها على الدول القريبة من خطوط الاستواء مثل مصر ودول المنطقة العربية».

ونوه محروس بأن «تأثيرات تلك الانفجارات الشمسية تكون قوية ومباشرة على الدول التي تكون مقابلة للشمس وقت حدوثها، أي التي يكون الوقت نهاراً بها عند حدوث تلك الانفجارات، ويستغرق وصولها للأرض من يوم إلى يوم ونصف بعد حدوثها، وتكون التأثيرات على أجهزة الاتصالات والملاحة الجوية وأجهزة تحديد المواقع على سبيل المثال لا الحصر».

علامة رائعة

وتصف وكالة «ناسا» التأثيرات الناتجة عن الانفجارات الشمسية بأنها علامة رائعة على أن كوكبنا متصل كهربائياً بالشمس، ويحدث ذلك عندما تخرج الجسيمات النشطة من الشمس في تيار مستمر يُسمى الرياح الشمسية، وبسبب الانفجارات العملاقة المعروفة باسم الانبعاث الكتلي الإكليلي (CMEs).

وقلل طه رابح، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، من خطورة الظاهرة، وقال إن «بعض الخبراء الراغبين في الظهور الإعلامي يصورون الأمر على أنه خطير، لكن الحقيقة ليست كذلك».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيل الحالي من البشر عاصر على الأقل 4 دورات كاملة للشمس، أي أنه مر بـ4 ذروات للانفجارات الشمسية، ومع ذلك لم يحدث أي شيء خطير يدعو للقلق».

وشرح رابح أن «هذه الانفجارات ينتج عنها ما يُسمى (البلازما الشمسية)، وهي كتل وحمم شمسية تعادل الواحدة منها آلاف القنابل الهيدروجينية التي لو وصلت للأرض على حالتها ستؤدي إلى دمار هائل، ولكن التكوين الكوني -كما خلقه الله- جعل هناك ما يُشبه السقف الذي يحمي الأرض من تلك الانفجارات؛ حيث توجد طبقة من الماجنيتوسفير والأيونوسفير تتحول إلى ما يُشبه مقدمة سفينة، فتنزلق عليها تلك الكتل والحمم الشمسية إلى الفضاء الكوني خلف الأرض، وهذا الأمر مذكور في القرآن الكريم».

ونوه بـ«أن المسألة لا تعدو مجرد بعض التأثيرات الوقتية على بعض أجهزة الاتصالات بشكل محسوب، وتتابعه أجهزة الرصد بدقة شديدة للعمل على تجنب أضراره».

  • القاهرة

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons
Translate »