انتقادات بريطانية لقيود «فيسبوك» على صفحات الأخبار

تعرّضت منصة «فيسبوك» لانتقادات في بريطانيا بعدما فرضت قيوداً على صفحات مواقع إخبارية محلية للمرة الثالثة خلال شهر واحد، من دون الإفصاح عن آلية واضحة لـ«سبب التقييد». ولقد أشعلت هذه الخطوة، التي عدّها خبراء «اعتداءً على الصحافة»، أزمة بين الناشرين و«ميتا» التي تراجعت عن دعم الأخبار على مدار العامين الماضيين.
كانت صفحة «كنت أونلاين»، التابعة لـ«إيلايف ميديا» (مجموعة إعلامية بريطانية تمتلك عدة صحف ومواقع إلكترونية)، قد تعرّضت للتقييد على «فيسبوك» حين مُنعت منشوراتها من الظهور في «آخر الأخبار» لمدة أسبوع. وأدّى ذلك إلى انخفاض حركة المرور المُحالة من «فيسبوك» بنسبة تقارب 48 في المائة، مقارنة بالأسبوع السابق، وفقاً لـ«بريس غازيت».
الصفحة أفادت أنها تعرضت للتقييد إثر نشر رابطٍ لقصة إخبارية تتناول تفاصيل محاكمة 3 رجال بتهمة الاعتداء الجنسي على طفلة. وأضافت أنه كانت ثمة صعوبة في استئناف قرارات التقييد التي يفرضها «فيسبوك»، لأنه لا توجد آلية واضحة للطعن مباشرة لدى المجموعة.
حسن مصطفى، أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في جامعة روتشستر للتكنولوجيا بدبي، عدّ ما نشهده اليوم من قيود تفرضها منصات مثل «فيسبوك» على الصفحات الإخبارية، من دون توضيح الأسباب أو توفير وسائل واضحة للطعن، يؤكد أن هذه المنصات لم تعد مجرّد وسطاء تقنيين أو وسيلة لتبادل المحتوى فحسب، «بل أصبحت تمارس دوراً فعلياً ورقابياً في تحديد ما يُنشر وما يُخفى».
وبحسب مصطفى فإن «هذا التوجه يتعارض مع المفهوم الأساسي لحرية التعبير وتداول المعلومات، ويضع وسائل الإعلام أمام واقع جديد تحدد فيه خوارزميات خاصة ما يصل للجمهور». وتابع: «تقارير متعددة، مثل التقرير الصادر عن لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان البريطاني عام 2022، حذّرت من هذا التوجه، ودعت إلى فرض شفافية إلزامية على المنصات».
وأشار مصطفى إلى أن قرارات المنصّات بشأن تقييد المحتوى أصبحت تتخذ بشكل سرّي، ولا تخضع لضوابط مهنية، ما يعزّز من مركزية السيطرة على المعلومات ويُقوض الثقة العامة. وعن كيفية التعامل مع هذا الواقع، يرى مصطفى أن «قانون الأمان الرقمي» الذي أقرّته بريطانيا عام 2023 «خطوة مهمّة، لأنه يلزم المنصات بإبلاغ الناشرين قبل تقييد محتواهم، ويمنحهم الحق في الاعتراض. ومن شأن هذا القانون فرض درجة من الشفافية والتقليل من التحكم الأحادي».
في المقابل، عدّ الأكاديمي والخبير أن «القانون وحده لا يكفي… ذلك أن المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى تشكيل تحالفات وضغط جماعي عبر نقابات واتحادات، لفرض قواعد عادلة تضمن المساواة في الوصول والنشر. وأيضاً، لا بد من تنويع الحضور الرقمي، لا الاكتفاء فقط بـ(فيسبوك) أو غيرها من المنصات الكبرى».
ثم تابع: «نظرتنا أيضاً يجب أن تكون أوسع. ولقد سبق للاتحاد الأوروبي أن أصدر قانون الخدمات الرقمية، الذي يُعدّ نموذجاً متقدماً، حيث ألزم المنصات الكبرى بإعلان سياساتها بوضوح، وتوفير آليات شفّافة للطعون».
وأكد أن الحلّ ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى إرادة سياسية، واستراتيجية إعلامية موحدة، وتشريعات تواكب نفوذ هذه الشركات الرقمية المتصاعد.
خالد عبد الراضي، خبير إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في مصر والسعودية، أوضح أن نهج «التقييد» من قبل «فيسبوك» بات متكرراً أخيراً على عكس السابق.
وحول الخطة المطروحة من قبل الناشرين لمواجهة قيود «فيسبوك»، قال عبد الراضي: «إننا نحاول الآن التكيّف وتفادي نشر أي محتوى يمكن أن يُخالف معايير النشر على (فيسبوك)، فضلاً عن مراجعة المحتوى بشكل متكرر كي لا يُساء فهمه، لكن هذا الاتجاه ربما يحدّ من التغطية الصحافية المهنية في بعض القضايا».
- القاهرة