عملية إعادة بناء مانشستر سيتي التي يقودها غوارديولا ما زالت قيد التنفيذ
مشكلات في حراسة المرمى وطريقة اللعب لا تزال تبحث عن حلول

مشغل الصوت
دائماً ما تكون هناك هالة حول الفرق العظيمة. ويتمثل أحد العوامل التي تجعل هزيمة هذه الفرق صعبة في أن هزيمتها تبدو مستحيلة من الأساس. وحتى عندما تمر هذه الفرق بفترة سيئة، تكون هناك توقعات بأنها ستستعيد مستواها في مرحلة ما. وكان هذا الأمر ينطبق، إلى حد ما، على مانشستر سيتي الموسم الماضي. فعلى الرغم من تراجع أداء الفريق خلال معظم فترات الموسم، فإنه تمكن بعد الخسارة أمام نوتنغهام فورست في بداية مارس (آذار) من خوض 10 مباريات متتالية من دون هزيمة وأنهى الموسم في المركز الثالث – حتى لو أظهرت الهزيمة أمام كريستال بالاس في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أن الفريق لا يزال يعاني من بعض المشاكل.
وأظهرت تلك المباراة بعض نقاط الضعف في خط هجوم مانشستر سيتي في بعض الأحيان، كما كان الفريق يعاني ضعفاً دفاعياً غريباً، وهو ما ظهر بوضوح مرة أخرى في المباراة التي خسرها أمام الهلال السعودي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة في كأس العالم للأندية. ونظراً لأن الفرق التي يتولى تدريبها جوسيب غوارديولا تعتمد على الضغط العالي المتقدم، فإنها دائماً ما تكون عرضة للكرات الطويلة المباشرة التي تُلعب في المساحات الخالية خلف خط الدفاع إذا حدث أي خطأ في طريقة الضغط على المنافس؛ وهذا جزء لا مفر منه للعب بهذه الطريقة.
وحتى في المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على وولفرهامبتون برباعية نظيفة في الجولة الافتتاحية لهذا الموسم، كانت هناك علامات على وجود نقاط ضعف للعب بهذه الطريقة، وخاصة في بداية المباراة. وكان هذا هو الخلل نفسه الذي ساعد ريتشارليسون على كسر مصيدة التسلل وتمريره كرة عرضية إلى برينان جونسون ليسجل الهدف الأول لتوتنهام في المباراة التي جمعت الفريقين على ملعب الاتحاد في الجولة الماضية.
ومع ذلك، كان هدف توتنهام الثاني مثيراً للقلق بالقدر نفسه: لعب حارس المرمى جيمس ترافورد تمريرة غريبة إلى نيكو غونزاليس على قدمه الضعيفة على الرغم من أنه كان مراقباً، وتحت الضغط من المنافس أمام منطقة الجزاء مباشرة. ولو كان هذا الخطأ فردياً وغير متكرر لما كان ينبغي أن يثير قدراً كبيراً من القلق، لكنه كان مشابهاً للغاية للخطأ الذي ارتكبه ترافورد في المباراة التي خسرها بيرنلي أمام كريستال بالاس الموسم قبل الماضي، وهو الخطأ الذي تسبب في حصول قائد بيرنلي جوش براونهيل على بطاقة حمراء.
لقد كان إيدرسون هو حارس المرمى المثالي لغوارديولا؛ لأنه كان جيداً في الجوانب التقليدية لحراسة المرمى، بالإضافة إلى قدرته الفائقة على اللعب بالقدمين. في الواقع، كان غوارديولا محظوظاً للغاية لامتلاكه حراس مرمى رائعين يجيدون اللعب بأقدامهم: فقد وجد فيكتور فالديس في برشلونة، ومانويل نوير في بايرن ميونيخ، ثم تعاقد مع إيدرسون في مانشستر سيتي. وبينما يستحق غوارديولا، أو مسؤولو مانشستر سيتي، الثناء على اكتشاف موهبة مثل إيدرسون من بنفيكا، إلا أن ذلك جاء بعد خطأ كبير في الموسم السابق باستبدال كلاوديو برافو بجو هارت.
وعلى الرغم من أن إيدرسون لم يتجاوز الثانية والثلاثين من عمره، فإنه كان هناك شعور خلال الموسم الماضي بأن مستواه بدأ يتراجع. فعلى سبيل المثال، ارتكب حارس المرمى البرازيلي خطأين كبيرين في وقت متأخر من مباراة الذهاب ضد ريال مدريد في الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا، وفضّل غوارديولا الاعتماد على ستيفان أورتيغا في بعض المباريات. ونظراً لأجره المرتفع ورغبته الواضحة في الحصول على راتب كبير في المملكة العربية السعودية؛ فربما لا يكون من المفاجئ أن يرحل إيدرسون عن مانشستر سيتي قريباً. لكن الأمر المثير للدهشة حقاً يتمثل في اللاعبين المرشحين للعب بدلا منه.
وفيما يتعلق بدقة التمريرات، ظلت إحصائيات إيدرسون قوية الموسم الماضي. فعلى الرغم من أن متوسط تمريراته الطويلة بلغ 5.3 تمريرة في المباراة الواحدة، فإن متوسط تمريراته الناجحة لا يزال يبلغ 86 في المائة، كما قدم أربع تمريرات حاسمة لزملائه. في المقابل، لعب ترافورد الموسم الماضي 4.3 كرة طويلة في المباراة الواحدة في دوري الدرجة الأولى في المتوسط – وهو ما يعني، من الناحية النظرية على الأقل، أنه كان يلعب تمريرات مباشرة بشكل أكبر – ومع ذلك، كان معدل نجاح تمريراته 70 في المائة فقط. وفي الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم قبل السابق، كانت نسبة التمريرات الصحيحة لترافورد تصل إلى 62 في المائة، على الرغم من أن معدل التمريرات الطويلة في المباراة الواحدة بلغ 6.5 تمريرة.
وأفادت تقارير بأن مانشستر سيتي وافق على الشروط الشخصية مع جيانلويجي دوناروما، الذي وجد نفسه فجأة خارج حسابات المدير الفني لباريس سان جيرمان، لويس إنريكي. لا يزال هناك المزيد من المفاوضات بشأن قيمة الصفقة، لكن هذه الخطوة تبدو غريبة للغاية من جانب مانشستر سيتي. من المؤكد أن دوناروما حارس بارع في الجوانب التقليدية لحراسة المرمى، وقدم مستويات رائعة ساعدت فريقه على تحقيق الفوز في المباريات الحاسمة، لكن لا يمكن مقارنته على الإطلاق بإيدرسون فيما يتعلق بالتمريرات الطويلة.
وعلى الرغم من أن نسبة نجاح تمريراته بلغت 85 في المائة في الدوري الفرنسي الممتاز الموسم الماضي، فإن ذلك كان بمعدل 2.6 تمريرة طويلة فقط في المباراة الواحدة. قد يوحي هذا بأن غوارديولا يتطلع إلى العودة إلى طريقة لعب تعتمد على التمريرات القصيرة والاستحواذ على الكرة، لكن هذا يتعارض مع التوجه الحالي لطريقة لعبه، بل وطريقة اللعب التي تعتمد عليها معظم الفرق والتي تعتمد على اللعب المباشر وتقليل عنصر المخاطرة.
في الواقع، كانت إحدى السمات البارزة في مباراة وولفرهامبتون تتمثل في سرعة خط وسط مانشستر سيتي في تمرير الكرة إلى الأمام. وقد تألق تياني ريندرز على وجه الخصوص في هذا الأمر. لقد كان أداء ريندرز أقل فاعلية بشكل ملحوظ ضد توتنهام، حيث لم يمنحه خط وسط «السبيرز» المساحات الكافية للتحرك؛ وهو ما أدى إلى تراجع نسبة نجاح تمريراته من 88.3 في المائة إلى 81.4 في المائة.
لقد فاز مانشستر سيتي بمباراة واحدة فقط من آخر خمس مباريات خاضها على ملعبه ضد توتنهام؛ لذا لم تكن نتيجة مباراة الجولة الثانية من مسابقة الدوري مفاجئة، إلا أنها أثبتت أن مانشستر سيتي في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد لإثبات أنه قد استعاد عافيته بالفعل، كما أثبتت أن عملية إعادة بناء مانشستر سيتي التي يقودها غوارديولا لا تزال قيد التنفيذ.
خدمة «الغارديان»